"النظام العالمي الجديد" يرى أن ما يحرك الإنسان هو الدوافع الاقتصادية، وأن المحرك الأكبر للمجتمع هو السوق الحرة. ويؤكدون على أن التحالفات السياسية في عصرنا لا تستند إلى ايدويولوجيا وإنما إلى المصالح الاقتصادية. وأن الصراع لا يتم بشأن "المبادئ" وإنما بشأن "المصالح".
وكأن هذا الإعلان العالمي يحمل في طياته الداء والدواء !!؟
فالنمط الاستهلاكي السائد لا يستثني مجتمع أو ثقافة أو بيئة معينة. وتحول الكماليات إلى حاجيات ، بدأ ماديا وانتهي معنويا ( أفكار دينية، إدارية، تعليمية، اجتماعية).
فالمعادلة معادلة قوة اقتصادية تحرك القوة السياسية والعسكرية. مما أدى إلى وجود خلل في ميزان القوى العالمي:
- عالم متقدم جدا ( أبحاث، اختراعات، منتجات حضارية متنوعة أساسية وكمالية)،
- عالم متخلف: يتطلع إلى الدول المتقدمة محاولا تقليد نمطها الحضاري. ولكن وصل إلى تكديس المنتجات الحضارية مادية ومعنوية فقط. فأصبح هذا العالم المتخلف المنفذ لتصريف منتجات الدول المتقدمة. ظهر أثر ذلك على شكل:
- استغلال البنى البشرية (عمالة رخيصة، هجرة العقول، بطالة مقنعة)
- تبديد الموارد والثروات ، وهذا يظهر على مستويين:
- الدولة: تبديد ميزانياتها في التسليح، المناقصات الحكومية ، البعثات الدراسية، والديون المشروطة للمجتمع الدولي.
- الأفراد: تبديد ميزانيته على السلع الاستهلاكية والمنتجات الفكرية (دورات، ورش عمل، تعليم خاص عالمي ....).
تحقق ذلك بدعاية وخطط مدروسة مبنية على نتائج أبحاث علمية تدرس هذه المجتمعات بتاريخها وتقاليدها وعقيدتها وكل تفاصيل حياتها اليومية (350 مليار دولار سنويا تصرف على الدعاية والإعلان ، ويمكننا أن نتخيل كم من الشعوب الفقيرة أصحاب المجاعات نستطيع أن نطعم) ومن المؤسف أن الكثير من المشاريع الخيرية العالمية في مناطق معينة من العالم وفي أوقات معينة هي أيضا دعاية مدروسة لخدمة هدف ما أو شخص ما. والنجاح بسبب وسائل الإعلام والتي حولت العالم إلى قرية صغيرة.
فإذا كانت أدوات التسويق الأفكار الاستهلاكية:
- التطور العلمي والتقني
- الإعلام
- الضغط النفسي
- خلخلة العقائد والمسلمات والأخلاق. وهذا ينطبق على الأديان كلها وليس عقيدة معينة فقط.
فستكون منتجات النمط الاستهلاك:
- أمراض نفسية وجسدية واجتماعية
- نضوب الموارد والطاقة
- إفساد الحكومات
- تقويض العادات الاجتماعية
- تحدي الأمن والبيئة
- أزمات اقتصادية وسياسية: البطالة ، تضخم الأسعار، أسواق المال ،.... .
- حروب
فلو تناولنا قضية الاستهلاك بمنهج بعيد عن الوعظ والتهديد ب(إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين)، وركزنا على بناء الإنسان:
- بتعزيز صورته عن نفسه ووعيه بذاته وبأنه "يقدر" ،وتغذيته إيجابيا بقدرته على التنافس والإنتاج.
- وغرسنا الهوية والانتماء والقيم.
- واستنفرنا كافة عقول وقوى المجتمع (بغض النظر عن الانتماء الحزبي والمذهبي والديني) للعمل على تحقيق ذلك.
- متوجة بخطة مدروسة لإنتاج العلماء الحقيقيين ( وليس حملة الدرجات العلمية) القادرين على المبادرة والإنتاج فكريا وعمليا.
لبقيت المصلحة هي القائد والهدف المباشر و الغير مباشر هو الانسان وسعادته، فكل ما نرجو من الاستثمار يتلخص في ذلك .
روابط النشر الإلكتروني:
الموقع الرسمي لجامعة الملك عبد العزيز
صفحة الفيسبوك
|