واقعنا اليوم يشهد ثورة خطيرة في مجالات المعرفة والاتصالات، ويحتاج لكثير من المقارنة والموازنة والمحاكمة والنقد والمراجعة والتصحيح. وعند مراجعة المرتكزات والأسس التي تشكل ملامحنا خاصة وملامح واقعنا عامة، نجد تداخلا يدفعنا إلى التمييز والمقاربة حتى نتمكن من القيام بواجبنا النهضوي عن طريق تحديد المواقف وتجديد السلوك.
هذا التمييز بين مراعاة واقعنا والذوبان فيه يكون بفهم طبائع الأشياء وجوهر العلاقات التي تربط بينها والمؤثرات التي تتبادلها لتقديم رؤى كلية نبني عليها تفاعلنا. وهذا يكون استجابة للتحديات عن طريق تجديد نوعية علاقتنا مع الضرورات والقيود والتحديات. هذه الاستجابة تعود إلى كل فرد وقراره بمسؤولية العمل على تحقيق مبادئه بحرية وحيوية.
العقلانية ضرورة في هذا السياق، عقلانية قابلة للنمو والتعديل تبعا للتغير السريع للثقافات والمعطيات التي نتعامل معها، ليكون ميزاننا متكافئ بين ما نكسب ونخسر.
بنيتنا الفكرية القائدة لسلوكنا هي انعكاس لما يجد من نظريات وآراء في مجالات الحياة المختلفة. وهذا يتطلب أعلى درجات اليقظة والحذر في التخلي عن بعض المألوفات والالتزام بالمعايير الجديدة. فمعايشة هذا التغيير المستمر دون الذوبان فيه يعتمد على جوهرنا الداخلي الثابت. فنجد الموازنة بين سيطرة المال والمصلحة على الفكر والسلوك العام ومواجهة مخاطر نظام التجارة على الصعيد الفردي والعالمي ، يحتاج أجوبة شخصية تقدم الإبداع والثوابت الدائمة والإنسانية لتحقيق الغنى الروحي والخلقي بجانب الغنى المادي.
مراعاة هذه المتغيرات السريعة المستمرة ينشأ عنه مصاعب وأزمات تتطلب إتاحة المزيد من الفرص والاختيارات. وهذا يعتمد على الفهم القائم على القراءة النقدية لمعطيات الواقع للوصول إلى الحقيقة وزيادة شفافيتنا نحو الأمور الغامضة. في نظام رعاية ومتابعة مستمر حتى لا تخرج الخيارات عن المسار الصحيح.
ادراكنا لهذا الواقع يكون عبر وسيط ثقافي ونفسي وفكري يضفي عليه خصوصية ،تتشكل ملامحها العقلانية ضمن مسار مرن ثابت، يوجهه ولا يُقيد، يقود ولا يتعثر بالتحديات.
مراعاة الواقع دون الذوبان فيه ، إرادة واعية للحياة وصراع محسوم للتوازن والاعتدال ينطلق من الشعور بالمسؤولية الحضارية الق
|