مهرجان ومواسم الفتاوى


يعتبر إصدار الفتوى  أمرا عظيما من ناحية المسؤولية فهي تُصدر عادة نتيجة غياب جواب واضح وصريح يتفق عليه الغالبية في أمر من أمور الفقه  ويتعلق بموضوع شائك ذا أبعاد سياسية أو اجتماعية  أو اقتصادية  أو دينية. وبذلك يفترض أن تيسر الفتوى حياة الناس وتسهل أداء العبادات والمعاملات.

بدايات المشكلة

بدأ "التقليد" في أصول الفقه من أوائل القرن الرابع إلى منتصف القرن السابع الهجري، ولم ينشأ من فراغ وإنما مهدت له أسباب ودواع شخصية وسياسية. ونتج عنه:

  • ضعف الاجتهاد . فاقتصر الباحثون على شرح الكتب السابقة أو اخـتصارها اختصاراً مخلاً أحالها إلى ألغاز.
  • عكف العلماء على مذاهب الأئمة درساً ، وانصرفوا عن مصادر الشريعة الأولى واشتغلوا بدراسة كلام الأئمة وفتواهم. فاقتصر عملهم على:

1) تخريج علل الأحكام.

          2) الترجيح بين الآراء.

يظهر من دراسة تاريخ أصول الفقه أن المشكلة بدأت ولم تنته بعد، بل وتعقدت أكثر للأسباب التالية:

  1. المفتي وخلفيته العلمية والثقافية بالإضافة إلى تنشئته وتربيته. فيجب توفر شروط رئيسية في المفتي أهمها:
  • أن يكون قادرا على التحليل المنطقي العميق لنصوص القرآن و السنة.
  • خبرة في القانون الإسلامي والدولي.
  • معرفة كاملة بجميع الفتاوي السابقة بغض النظر عن الجهة المصدرة للفتوى.

فإذا افترضنا أن الفتوى تتأثر بعدة مؤثرات تتعلق:

  1.  بشخصية المفتي، مثل:
  • التعصب المذهبي.  
  • ضيق الأفق وضعف الثقافة العامة والانعزال عن الأحداث اليومية التي يعيشها الناس.
  1. طالب الفتوى. طريقة عرض السؤال على المفتي للحصول على فتوى معينة.
  2. المصلحة (السياسية والاقتصادية والاجتماعية).
  3. المستجدات في حياة الناس. الأخذ في الاعتبار ما يتعرض له الناس من معاملات وظروف عبادات تحتاج إلى رؤية جديدة واسعة.

 فتتلخص المشكلة في:

  • أشخاص غير مؤهلين للفتوى. فأي خريج دراسات إسلامية اليوم أو شريعة يتصدر للفتوى محدثا فوضى لا نهاية لها.
  • استخدام الإعلام للفتوى بصورة مسيئة للدين، تتطور إلى فتن يستغلها أطراف بنوايا مختلفة.  بالإضافة إلى تضارب الفتاوي وضياع هيبة العلماء والذي أدى بدوره إلى عدم أخذ الفتوى بجدية.

فهل يمكن أن تختلف الصورة لو:

  • وعى الجمهور بمن له الحق في الإفتاء.
  • حق الفرد في أخذ الفتوى من أي مذهب.
  • كان المفتي واسع الأفق والإطلاع وأن التخصص بالفقه وحده لا يكفي.
  • نوَع مصادر معلوماته التي يبني عليها فتواه.
  • امتلك مهارة عالية في البحث .
  • قدرت الدولة أن المفتي يجب أن يكون حرا ماديا ومعنويا لا شيء يؤثر على فتواه.
  • أعدنا النظر في مناهج وطرق تدريس الفقه وأصول الفقه.
  • أصدر الفتوى هيئة عامة للإفتاء ممثلة بكل المذاهب الأربعة. ومراقبة وتنظيم موضوع الأفراد المفتين بدون تأهيل. 

 

تكمن خطورة الفتوى في كونها  تتعدى حدود علاقة الإنسان بخالقه. فالكثير منها يتسم بصفات ثورية  أو سياسية  واجتماعية  و اقتصادية.  فالفتاوى السياسية بدأت بالانتشار مع حرب الخليج عام 1991 م .  ويعزوا المفسرون أنه كان لمليء الفراغ الديمقراطي ، وربط بين "المصالح الاقتصادية والسياسية" و"الخطاب الديني" . وبسبب التغطية الإعلامية الكثيفة للفتاوى التي تحمل طابعا سياسيا أو مضامين تتخطي حدود علاقة الإنسان بخالقه وتتخطى البقعة الجغرافية التي تم إصدار الفتوى فيها لتشمل دول أخرى، فالغرب بدأ في السنوات الأخيرة بأخذ انطباعا سطحيا عن الفتوى ويعتبره بمثابة «رخصة للقتل» أو «وثيقة لإعلان حرب» ولا يدرك الجوانب المتعددة الأخرى للفتوى .

فهل سنترك "الفتوى" لتدمر حياتنا !!!!!

مهرجان ومواسم الفتاوى
 

آخر تحديث
5/9/2012 5:54:06 PM
 

أضف تعليقك
الاسـم :
 
البريد الالكتروني :
 
رقم الجوال :
عنوان التعليق :
 
التـعـلـيـق :
 
أدخل الأحرف
الموجودة في الصورة :